ما هو مرض وهن العضلات؟ وما أسبابه؟
ربما سمعت من قبل عن مرض وهن العضلات أو شُخصت به وليس لديك معلومات كافية عن هذه الحالة. في البداية لا يُقصد بالوهن العضلي ضعف العضلات التقليدي الذي قد نختبره مع بذل المجهود، أو كعرض جانبي لأحد الأمراض، لكنه مرض مستقل بذاته، سنقدم مزيدًا من المعلومات عنه في هذا المقال، وسنجيب عن بعض التساؤلات المهمة حوله مثل تأثيره في القدرة الجنسية، وما إذا كان حالة قابلة للشفاء أم لا.
ما هو مرض وهن العضلات ؟
الوهن العضلي هو مجموعة من الحالات العصبية العضلية، التي تُصنف من أمراض المناعة الذاتية والتي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي الوصلات بين العضلات والأعصاب.
يؤثر الوهن العضلي في العضلات الإرادية فقط، وهي العضلات التي يمكن للشخص التحكم فيها مثل: عضلات الذراعين والساقين، ولا يؤثر المرض في العضلات اللا إرادية أو الإحساس.
يُقصد بالوهن العضلي ضعف العضلات الناجم عن تلف الوصلات بين العضلات والأعصاب، فيرسل المخ إشارة للعضلات لتعمل، ولكنها لا تصل بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لهذه الوصلات التي تعمل كوسيط بين الأعصاب والعضلات، فيشعر المريض بإجهاد في العضلات وكلما حاول ممارسة أي مجهود بدني زاد شعوره بالضعف.
على الرغم من أن مرض وهن العضلات نادر، فإنه قد يؤثر في أي شخص سواء من الرجال أو السيدات وفي أي مرحلة عمرية.
يمكن التحكم في المرض من خلال مجموعة من الأدوية والنصائح التي تساعد على تحسين نمط حياة المريض وتكيفه مع المرض.
يُوجد أربعة أنواع من مرض وهن العضلات وهي:
الوهن العضلي الوبيل (MG)
هو الأكثر شيوعًا، هو اضطراب مزمن في المناعة الذاتية يؤدي لضعف عضلات الهيكل العظمي، ويؤثر خاصةً في تلك التي تتحكم في العينين والفم والحلق والأطراف، وهو أكثر شيوعًا لدى النساء في عمر 20- 30 عامًا، والرجال في عمر 50 أو أكبر. قد يؤدي الوهن العضلي الوبيل إلى صعوبة في البلع أو التنفس.
الوهن العضلي العيني
هو شكل من أشكال الوهن العضلي تتعرض فيه العضلات خارج العين والتي تتحكم في العين والجفون للإرهاق والضعف بسهولة.
متلازمة لامبرت إيتون (LEMS)
وفيها تهاجم الأجسام المضادة النهايات العصبية وتمنع العضلات من الانقباض، ما يسبب إجهاد العضلات. غالبًا ما يكون LEMS علامة مبكرة على الإصابة بـ سرطان الرئة.
الوهن العضلي الخلقي
هذا النوع ناجم عن اضطراب وراثي، ويبدأ ضعف العضلات عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة ولكن قد يظهر أيضًا في مرحلة المراهقة أو البلوغ.
ما هي أسباب مرض الوهن العضلي ؟
لا يُوجد سبب معروف لأمراض المناعة الذاتية بما فيها وهن العضلات، ومع ذلك يُعتقد أن الوهن العضلي يُحفز بواسطة مجموعة من الأجسام المضادة غير المنتظمة، والتي تهاجم الخلايا العصبية، وتتلف الغشاء العصبي العضلي، وتقلل من تأثير الأستيل كولين وهي مادة أساسية للتواصل بين الخلايا العصبية، ما يؤدي إلى ضعف العضلات.
مرض الوهن العضلي والغدة الزعترية
ربطت عدة أبحاث بين مشكلات الغدة الزعترية وبين الإصابة بوهن العضلات، تُعرف هذه الغدة أيضًا بالغدة التوتية أو الصعترية أو التيموسية Thymus gland، والتي تقع في الجزء العلوي من الصدر خلف عظمة القص مباشرةً وبين الرئتين وهي جزء أساسي من نظام المناعة.
تنمو هذه الغدة بشكل طبيعي حتى سن البلوغ، ثم يتقلص حجمها بعده، ووجدت الأبحاث أن حجم الغدة يظل كبيرًا لدى الأشخاص الذين يعانون من الوهن العضلي، ما يتداخل مع إنتاج الخلايا المناعية المهمة مثل الخلايا التائية.
تنتج الغدة الصعترية المتضخمة أيضًا أجسامًا مضادة تمنع الأسيتيل كولين من وظيفته ما يؤثر في كفاءة نقل الإشارات العصبية ويؤدي إلى ضعف العضلات.
تزداد فرص الإصابة بمرض الوهن العضلي مع التقدم في العمر ومع وجود تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
قد يعاني الأطفال حديثو الولادة من حالة مؤقتة تسمى الوهن العضلي الوليدي، والتي تحدث عندما تكون الأم مصابة بوهن العضلات وتنتقل الأجسام المضادة إلى الجنين، ومع ذلك، فإن الوهن العضلي الوليدي مؤقت، ويستمر من شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد الولادة.
قد تؤدي بعض أنواع العدوى الفيروسية للإصابة بالمرض أيضًا.
ما هي أعراض وهن العضلات ؟
العلامة المميزة للوهن العضلي هي ضعف العضلات الذي يزداد سوءًا بعد بذل نشاط بدني، ويتحسن بعد فترات الراحة، وتختلف درجة ضعف العضلات من شخص لآخر. قد تكون الأعراض الأولية للوهن العضلي في العين فتظهر كجفون متدلية أو عدم وضوح أو ازدواج الرؤية.
وبصفة عامة تشمل أعراض وهن العضلات ما يلي:
- الشعور بالتعب بشكل عام.
- ضعف في الذراعين والساقين والرقبة.
- تأثر الوجه (قد يصبح من الصعب الابتسام أو المضغ أو عمل تعابير الوجه، أو الحديث وقد يبدو الكلام مختلفًا أو مشوشًا).
- صعوبة البلع والتنفس (في الحالات المتأخرة، وإذا حدث يجب طلب العناية الطبية الفورية).
هل مرض الوهن العضلي خطير؟
الوهن العضلي هو حالة مزمنة أو طويلة الأمد، وعادةً ما تتحسن في أوقات وتزداد سوءًا في أوقات أخرى.
يساعد العلاج على إبقاء الأعراض تحت السيطرة، وقد يتحسن الوهن العضلي من تلقاء نفسه.
إذا تُرك الوهن العضلي دون علاج لفترة طويلة، فقد يكون مهددًا للحياة وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، ولكنه في العموم لا يؤثر في متوسط عمر الأشخاص.
من أخطر المضاعفات المحتملة للوهن العضلي الوبيل هي فشل الجهاز التنفسي. تشير الإحصاءات إلى أن 15%- 20% من مرضى الوهن العضلي يواجهون على الأقل واحدة من مضاعفاته المهددة للحياة.
لذا في حال شعرت بصعوبة في التنفس أو البلع يجب الذهاب للطوارئ فورًا.
تعرف على : أفضل أطباء الأمراض الصدرية في مصر
كيف يمكن تشخيص مرض الوهن العضلي؟
قد يكون من الصعب تشخيص الوهن العضلي، وقد يحتاج الطبيب عدة فحوص حتى يتمكن من تشخيصه، وسيعتمد في البداية على الأعراض التي يشكو منها المريض، وتاريخه الطبي، وبعدها سيوصي بإجراء واحد أو أكثر من الفحوص التالية:
- فحص الدم: هو الاختبار الرئيسي للوهن العضلي الوبيل، ويبحث عن نوع من الأجسام المضادة التي ينتجها الجهاز المناعي والتي توقف إرسال الإشارات العصبية بين العضلات والأعصاب. في حال أظهر الفحص مستوى عالِ من الأجسام المضادة هذه، فإن هذا يعني الإصابة بالوهن العضلي، مع العلم أن ليس كل من يعاني في هذه الحالة سيكون لديه مستوى عال من الأجسام المضادة.
- اختبارات الأعصاب: إذا كانت نتيجة فحص الدم طبيعية، ولكن يعتقد الطبيب أن هناك احتمالية للإصابة بالمرض فإنه سيوصي بإجراء اختبارات كهربائية للأعصاب والعضلات، تتضمن هذه الاختبارات المعروفة باسم تخطيط كهربية العضل، إدخال إبر صغيرة جدًا في العضلات لقياس النشاط الكهربائي فيها. يظهر هذا الفحص ما إذا كانت الإشارات المرسلة من الأعصاب إلى العضلات متقطعة، والتي قد تكون علامة على الوهن العضلي الشديد.
- الفحوص التصويرية: قد يلجأ الطبيب أيضًا لبعض الفحوص التصويرية والتي منها الفحص بالأشعة المقطعية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي للصدر؛ للتحقق مما إذا كانت الغدة الزعترية متضخمة أم لا. في بعض الأحيان، قد يوصي الطبيب بإجراء فحص الدماغ بالرنين المغناطيسي للتحقق من أن الأعراض ليست ناجمة عن مشكلة في المخ.
- اختبار الإيدروفونيوم- Edrophonium: إذا كان سبب الأعراض لا يزال غير واضح، فقد يوصي الطبيب بإجراء هذا الاختبار، وفيه يُحقن المريض بدواء يسمى كلوريد الإيدروفونيوم، وإذا شعر بتحسن مفاجئ ولكن مؤقت في قوة العضلات فمن المحتمل أنه مصاب بالوهن العضلي الوبيل. لكن نادرًا ما يتم إجراء هذا الاختبار نظرًا لوجود خطر قد يتسبب في حدوث آثار جانبية خطيرة، مثل بطء ضربات القلب ومشكلات التنفس.
ما هو علاج وهن العضلات ؟
لا يُوجد علاج نهائي للوهن العضلي الوبيل، ومع ذلك فإن الاكتشاف المبكر والإدارة الطبية العاجلة قد يساعدان المرضى على التحكم في الأعراض والعيش بصورة طبيعية إلى حد كبير.
يحدد الطبيب العلاج بناءً على العمر، والصحة العامة للمريض، وتاريخه الطبي. تشمل خيارات العلاج ما يلي:
- الكورتيكوستيرويدات ومثبطات المناعة: لتثبيط جهاز المناعة، تساعد هذه الأدوية في تقليل الاستجابة المناعية غير المنتظمة.
- مثبطات الكولين استريز: لزيادة التواصل وتعزيز الإشارات العصبية بين الأعصاب والعضلات.
- إزالة الغدة الصعترية: قد تكون إزالة الغدة الصعترية حلًا مناسبًا لبعض المرضى، إذ تسبب الغدة المتضخمة في ظهور أورام حميدة لكنها قد تصبح سرطانية مع الوقت، بمجرد إزالة الغدة الصعترية يقل ضعف العضلات إلى حد كبير.
- تبادل البلازما: يعمل هذا الإجراء على إزالة الأجسام المضادة الضارة من الدم، ما قد يحسن قوة العضلات ، ولكنه علاج قصير المدة وقد يعاود الجسم إنتاج الأجسام المضادة مرة أخرى ويعود الشعور بالضعف مجددًا؛ لذا يعد هذا الإجراء مفيدًا قبل الجراحة وفي الحالات الشديدة.
- الجلوبيولين المناعي الوريدي (IVIG): هو جزء من الدم يتم أخذه من متبرعين، ويُستخدم للسيطرة على المناعة الذاتية، ويؤثر في تكوين الأجسام المضادة ووظيفتها.
وقد تساعد النصائح التالية أيضًا على السيطرة على الأعراض جنبًا إلى جنب مع الأدوية.
نصائح لمرضى الوهن العضلي
يمكن لتغيير نمط الحياة وممارسة بعض العادات الصحية أن تساعد على تخفيف أعراض الوهن العضلي، والتي منها:
- الحصول على قسط وفير من الراحة لتقليل ضعف العضلات.
- تجنب الإجهاد والتعرض للحرارة لأنهما قد يزيدان من تفاقم الأعراض.
- تناول الأدوية بجرعاتها الموصوفة للحفاظ على قوة العضلات ومنع المضاعفات.
- تجنب الأماكن المزدحمة ومخالطة الأشخاص المصابين بأمراض الجهاز التنفسي مثل: البرد والإنفلونزا.
- اتباع نظام غذائي متوازن للحفاظ على الوزن المثالي وقوة العضلات.
- تجنب مصادر التوتر، إذ قد يزيد من شدة الأعراض.
- تجنب الأنشطة التي قد تكون خطيرة في حالة الإصابة بضعف عضلي مفاجئ مثل: السباحة، أو قيادة السيارة.
الوهن العضلي والزواج
قد يؤثر الوهن العضلي في معظم أجهزة الجسم، وقد يصل تأثيره للضعف الجنسي في كل من الرجال والنساء، فقد تؤدي بعض الأعراض المصاحبة لوهن العضلات إلى خلل في الوظيفة الجنسية.
قد تؤثر أدوية الوهن العضلي أيضًا في القدرة الجنسية إذ قد تتسبب في:
- انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال.
- قلة الرغبة الجنسية لدى كلا الجنسين.
- ضعف الانتصاب عند الرجال.
- الاكتئاب.
- التغيرات العاطفية .
- زيادة الوزن و تساقط الشعر، ما قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس وتجنب الأنشطة الجنسية نتيجة الشعور بالحرج.
ومع ذلك فإن الإصابة بالوهن العضلي لا تعني انتهاء الحياة الجنسية، ويوجد عديد من الخيارات لتحسين القدرة الجنسية لمرضى الوهن العضلي، والتي منها:
- خفض جرعة الدواء أو تغييره بناءً على ما يوصي به الطبيب.
- علاج الحالات الصحية الأخرى المرتبطة بالمشكلات الجنسية مثل الاكتئاب أو القلق أو مرض السكري أو أمراض القلب.
- العلاجات الهرمونية أو أدوية ضعف الانتصاب التي يوصي بها الطبيب.
في النهاية فإن مرض وهن العضلات مثله كمثل أي حالة مرضية أخرى يحتاج أولًا للتقبل ثم تعلم كيفية التعايش معه والالتزام بالخطة العلاجية وتعليمات الطبيب حتى يمكن العيش بشكل طبيعي على قدر الإمكان وتجنب أي مضاعفات خطيرة في المستقبل.
الأسئلة الشائعة
هل يؤثر مرض الوهن العضلي على الذاكرة؟
هل يشفى مريض الوهن العضلي؟
مشاركة المقال