ما هي التينيا؟ أسبابها وأعراضها وكيف تميزها عن الأمراض الجلدية المشابهة
تبدأ القصة غالبًا ببقعة صغيرة لا تثير القلق، لكنها سرعان ما تكبر وترافقها حكة مزعجة وجفاف في الجلد، فتُربكك أمام المرآة! قد تبدو مجرد مشكلة بسيطة، لكنها في الحقيقة قد تكون التينيا، وهي عدوى فطرية شائعة أكثر مما تتصور.
في هذا المقال، سنتعرف سويًا إلى أعراضها المميزة وكيف يمكن تمييزها عن غيرها من الأمراض الجلدية، إلى جانب طرق علاجها الفعالة قبل أن تنتشر أكثر.
ما هي التينيا؟
هل لاحظت بقعًا حمراء دائرية على جلدك وجعلتك تتساءل: "ما هذه؟"
قد تكون التينيا، أو ما يُعرف طبيًا باسم السعفة الجلدية، وهي عدوى فطرية شائعة تصيب الجلد أو فروة الرأس أو الأظافر.
ورغم الاسم والذي يعني باللاتينية ديدان، فالأمر لا علاقة له بالديدان، بل تسببه فطريات تنمو في البيئات الدافئة والرطبة، مثل: القدمين أو الفخذين أو فروة الرأس أو حتى تحت الثديين والأظافر.

أسباب الإصابة بالتينيا
تحدث التينيا نتيجة إصابتك بفطريات تُسمى Dermatophytes، قد تُصاب بها عند:
- ملامسة جلد شخص مصاب مباشرةً.
- التعامل مع حيوان مصاب، مثل: القطط أو الكلاب.
- ملامسة التربة الملوثة بالفطريات.
- مشاركة الأدوات الشخصية، مثل: المناشف أو الملابس أو الأمشاط مع الآخرين.
أنواع التينيا الجلدية
تُعد التينيا من أكثر أنواع العدوى الفطرية انتشارًا، وغالبًا ما تختلف من شخص لآخر بحسب المنطقة التي تُصيبها. فالفطريات تجد بيئتها المناسبة في الأماكن الدافئة والرطبة من الجسم، لذلك قد تظهر في أي مكان تقريبًا من فروة الرأس وحتى الأظافر. إليك أهم الأنواع مع شرح مبسط لكل منها:
تينيا الجسم (Tinea corporis)
هي أكثر الأنواع شيوعًا، وتظهر عادةً كبقع دائرية حمراء أو وردية اللون، ذات حواف مرتفعة ومركز أفتح لونًا. غالبًا ما تشعر بحكة خفيفة أو تقشر في المنطقة المصابة، وقد تمتد البقع مع الوقت لتكون أشكالًا حلقية على الجلد.
تينيا فروة الرأس (Tinea capitis)
تصيب الأطفال في الغالب، وتؤدي إلى تساقط الشعر في بقع محددة مع ظهور قشور بيضاء وجفاف واضح في فروة الرأس. قد تُسبب في بعض الحالات التهابات مؤلمة أو بثور صغيرة.
تينيا اللحية (Tinea barbae)
تظهر في منطقة الذقن أو الفك عند الرجال، وتسبب احمرارًا وانتفاخًا في الجلد مع ظهور حبوب صغيرة أو بثور تحتوي على صديد أحيانًا. تحتاج هذه الحالة إلى علاج طبي دقيق لتجنب الالتهابات الثانوية.
تينيا اليدين (Tinea manuum)
تبدأ عادةً في راحة اليد أو بين الأصابع، مسببة جفافًا وتقشرًا واضحًا، وأحيانًا تشققات مؤلمة. وتكثر الإصابة بها لدى من يستخدمون أيديهم باستمرار في العمل أو الغسيل.
تينيا الفخذين (Tinea cruris)
تُعرف أيضًا باسم "حكة الرياضيين"، لأنها تظهر بكثرة لدى من يتعرقون كثيرًا أو يرتدون ملابس ضيقة لفترات طويلة. تصيب المنطقة الداخلية للفخذ مسببة احمرارًا وحكة مزعجة، وقد تمتد إلى الأرداف أو أسفل البطن.
تينيا القدمين (Tinea pedis)
من أكثر الأنواع انتشارًا، خاصةً في الصيف أو عند ارتداء الأحذية لفترات طويلة. تظهر عادةً بين أصابع القدم مسببة تشققات وتقشرًا، وقد يصاحبها رائحة غير محببة أو إحساس بالحرقان.
تينيا الأظافر (Tinea unguium)
تصيب أظافر اليدين أو القدمين، فتجعلها سميكة وهشة وذات لون أصفر أو بني، وقد تنفصل عن الجلد مع الوقت. علاجها يحتاج إلى وقت أطول من الأنواع الأخرى نظرًا لبطء نمو الأظافر.
أعراض التينيا
تختلف أعراض التينيا من شخص لآخر حسب مكان الإصابة، لكن هناك علامات مميزة يمكنك ملاحظتها بسهولة، منها:
- بقع دائرية حمراء الشكل، غالبًا ذات حواف مرتفعة ومتقشّرة، تشبه الحلقة على الجلد.
- حكة واحمرار مزعج في المنطقة المصابة، يزداد مع التعرق أو الحرارة.
- جفاف أو تشقق في الجلد، وأحيانًا تظهر فقاعات صغيرة مملوءة بسائل خاصةً في القدمين أو اليدين.
- تساقط الشعر أو ظهور بقع خالية من الشعر في فروة الرأس أو منطقة اللحية.
- تغير في شكل الأظافر عند الإصابة بتينيا الأظافر، فتصبح سميكة وهشة ويتغير لونها إلى الأصفر أو البني، وقد تتشقق أو تنفصل عن الجلد.
طرق انتقال العدوى بالتينيا
قد تنتقل التينيا إليك بسهولة إذا لم تنتبه لطرق العدوى، ومن أبرزها:
- الملامسة المباشرة لشخص مصاب، فانتقال الفطريات من الجلد إلى الجلد أمر شائع جدًا.
- استخدام أدوات ملوثة، مثل: الملابس أو المناشف أو أغطية السرير أو الأمشاط التي استخدمها شخص مصاب.
- التعامل مع الحيوانات المصابة كالقطة أو الكلب، فقد تحمل الفطريات على جلدها أو شعرها دون أن تلاحظي ذلك.
- ملامسة التربة الملوثة بالفطريات، خاصةً إذا كنت تمشي حافي القدمين أو تعمل في الحديقة.
- تذكر أن البيئات الدافئة والرطبة تساعد الفطريات على النمو والانتشار بسرعة، لذلك احرص دائمًا على إبقاء بشرتك جافة ونظيفة، خصوصًا في فصل الصيف أو بعد التعرق.
تشخيص التينيا
يستطيع عادةً طبيب الجلدية تشخيص التينيا بمجرد فحص الجلد المصاب، إذ تكون البقع مميزة بشكلها الدائري وحوافها المتقشرة.
لكن في بعض الحالات، قد يحتاج إلى تأكيد التشخيص من خلال:
- فحص عينة من الجلد تحت المجهر، إذ تم أخذ كشط خفيف من المنطقة المصابة للتأكد من وجود الفطريات.
- إجراء مزرعة فطرية، وهي تحليل يُستخدم لتحديد نوع الفطر المسبب بدقة، خاصةً في الحالات المزمنة أو التي لا تستجيب للعلاج بسرعة.
- اختبارات خاصة للجلد يجريها طبيب الجلدية أحيانًا، للمساعدة على التفرقة بين التينيا وأمراض جلدية أخرى تشبهها في المظهر.
إقرأ أيضا : ما هي أسباب مرض البهاق؟ وهل هو معدي؟
علاج التينيا
يعتمد علاج التينيا على مدى انتشار العدوى ومكانها في الجسم، ويهدف إلى القضاء على الفطريات ومنع عودتها مرة أخرى.
في الحالات البسيطة أو الموضعية:
عادةً ما تستجيب العدوى جيدًا للعلاجات الموضعية، مثل: الكريمات أو المراهم المضادة للفطريات، مثل: كلوتريمازول.
ينصح باستخدام الكريم مرة إلى مرتين يوميًا لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، مع الاستمرار لمدة أسبوع إلى أسبوعين إضافيين بعد اختفاء الأعراض لضمان زوال الفطريات تمامًا.
في الحالات الواسعة أو التي تصيب فروة الرأس أو الأظافر
تحتاج إلى أدوية فموية مضادة للفطريات، مثل: تيربينافين أو إيتراكونازول، ويستمر العلاج لعدة أسابيع بحسب شدة الحالة واستجابة الجسم.
من المهم أيضًا الالتزام بالعلاج حتى نهايته، حتى لو تحسنت الأعراض مبكرًا، لتجنب عودة العدوى من جديد.
المدة المتوقعة للعلاج
تختلف مدة العلاج باختلاف نوع التينيا وشدة العدوى، لكن بشكل عام:
- العلاجات الموضعية (الكريمات والمراهم): تستمر عادة من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، بحسب حدة الإصابة واستجابة الجلد للعلاج.
- العلاجات الفموية: تُستخدم في الحالات الأعمق، مثل: تينيا الأظافر أو فروة الرأس، وقد تمتد مدة العلاج من أسبوعين إلى اثني عشر أسبوعًا أو أكثر، حسب نوع الدواء وسرعة تحسن الحالة.
وينصح دائمًا بعدم التوقف عن العلاج مبكرًا حتى لو اختفت الأعراض، لضمان القضاء الكامل على الفطريات ومنع عودتها.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
رغم أن معظم حالات التينيا يمكن علاجها بسهولة في المنزل، فهناك مواقف تستدعي مراجعة الطبيب للتقييم والعلاج المناسب، خاصةً إذا لاحظت ما يلي:
- عدم تحسن الأعراض بعد أسبوعين من العلاج أو زيادة الحكة والاحمرار بدلًا من تحسنهما.
- إصابة فروة الرأس أو الأظافر، لأن هذه المناطق تحتاج إلى علاج خاص بالأدوية الفموية وليس الكريمات فقط.
- انتشار الطفح الجلدي بسرعة أو ظهور علامات عدوى بكتيرية ثانوية، مثل: خروج إفرازات أو ألم أو تورم في المنطقة المصابة.
في هذه الحالات، سيقوم طبيب الجلدية بتحديد نوع الفطر بدقة ووصف العلاج المناسب لضمان الشفاء الكامل وتجنب عودة العدوى.
المضاعفات المحتملة لعدم علاج التينيا
إهمال علاج التينيا أو التهاون في استخدام الدواء لفترة كافية قد يؤدي إلى مضاعفات مزعجة، منها:
- انتشار العدوى إلى مناطق أخرى من جسمك أو انتقالها إلى أشخاص آخرين من خلال اللمس أو استخدام الأدوات الشخصية.
- تحول العدوى إلى حالة مزمنة يصعب علاجها وتحتاج إلى فترة أطول من الأدوية الفموية.
- حدوث عدوى بكتيرية ثانوية نتيجة الحك الزائد أو تهيج الجلد، ما يؤدي إلى احمرار شديد أو خروج إفرازات أو تورم مؤلم في المنطقة المصابة.
لذلك من المهم البدء بالعلاج فور ملاحظة الأعراض والالتزام الكامل بتعليمات الطبيب حتى بعد تحسن الحالة.
الفرق بين التينيا وأمراض جلدية أخرى
قد تختلط التينيا على كثير من الأشخاص مع أمراض جلدية أخرى، مثل الإكزيما أو الصدفية، لكن هناك علامات مميزة تساعدك على التفرقة بينها، تعرف من خلال الجدول الآتي إلى الفرق بين التينيا وأمراض جلدية مشابهة

نصائح للوقاية من التينيا
لتحمي نفسك من عدوى التينيا، احرص على اتباع بعض الخطوات البسيطة التالية في حياتك اليومية:
حافظ على نظافة بشرتك وجفافها دائمًا.
تجنب مشاركة الأغراض الشخصية، مثل: المناشف أو الملابس.
استخدم بودرة أو بخاخات مضادة للفطريات داخل الحذاء إذا كنت تعاني من التعرق الزائد في القدمين.
اختر ملابس فضفاضة مصنوعة من أقمشة تسمح بتهوية الجلد.
لا تنس معالجة الحيوانات الأليفة المصابة، فقد تكون مصدرًا خفيًا للعدوى.
في النهاية، تذكر أن التينيا لا تُشفى بالإهمال، بل بالعلاج المنتظم والنظافة اليومية. لا تستهين بأي بقعة صغيرة أو حكة متكررة، فالاكتشاف المبكر والعناية الصحيحة هما خط الدفاع الأول ضد عودتها.

الأسئلة الشائعة
هل التينيا معدية من شخص لآخر؟
كيف أتخلص من التينيا نهائيا؟
مشاركة المقال